فضل صيام عاشوراء
في بيان صيام التطوع
[center]الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ... وبعد : -
اعلموا أن مما يستحب صومه شهر الله المحرم ، وصومه أفضل الصيام بعد شهر رمضان ، وهو أول شهور العام ،
[center]وسمي شهر المحرم لكونه من الأشهر الحرم تنويهًا بفضله وتأكيدًا لتحريمه ،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم رواه مسلم أي أفضل شهر يصام كاملاً بعد رمضان شهر الله المحرم ،
وإضافته إلى الله تعالى إضافة تشريف وتفخيم وتعظيم ، وأفضله وآكده اليوم العاشر منه .
ثم التاسع لقوله صلى الله عليه وسلم : لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر ويسمى العاشر عاشوراء وقد استحب جمهور العلماء الجمع بينهما في الصوم لأنه صلى الله عليه وسلم صام العاشر ونوى صيام التاسع ، وقد ورد في فضل صوم عاشوراء أنه كفارة سنة ،
فقد روى مسلم في صيام يوم عاشوراء : إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والمراد تكفير الذنوب الصغائر ، أما الذنوب الكبائر فإنها لا تكفر إلا بالتوبة ،
ويستحب صيام تسع ذي الحجة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلي من هذه الأيام العشر ، وآكدها يوم عرفة لغير الحجاج لحديث : صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده
ومن أراد الزيادة من صوم التطوع على هذه الأيام المعينة فالأفضل له أن يصوم يومًا ويفطر يومًا لأنه صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمرو بذلك وقال هو أفضل الصيام ، وهو صيام داود عليه السلام ولا يزيد على ذلك
لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ، وقال : لا صام من صام الأبد - ولما بلغه أن من أصحابه من قال : أنا أصوم ولا أفطر قال عليه الصلاة والسلام : أنا أصوم وأفطر ومن رغب عن سنتي فليس مني ،
وذلك للرفق بأمته والشفقة عليهم ، ولحثهم على ما يطيقونه ويداومون عليه ، ولمنعهم من التعمق والإكثار من العبادات .
لأن ذلك يسبب الملل ويسبب تركها أو ترك بعضها ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا ، وأحب الأعمال ما داوم عليه صاحبه ، وصيامُ يومٍ وفطرُ يومٍ إنما يستحب لمن لا يلحقه ضعف بدنه بسببه فيعجز عما هو أفضل من الصيام من القيام بحقوق الله وحقوق عباده اللازمة ،
فإن كان كذلك فترك هذا الصيام أفضل ، لأن المطلوب دائمًا الاعتدال والاتزان وعدم العناية بجانب من الدين وإهمال الجانب الآخر ، والإنسان عليه حقوق في هذه الحياة والتزامات تحتاج إلى قوة البدن لتحملها ،
فإذا كان الإكثار من الصيام يؤثر على أداء هذه الحقوق ويضعف الشخص عن القيام بها فإنه إذًا غير مطلوب .
والحمد لله رب العالمين ... وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.